For updates

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

قائمة العار: ناجح إبراهيم

رسائل الأحداث.. وذكاء اللواء محمد إبراهيم

ناجح إبراهيم
 ناجح إبراهيم

رسالتان مهمتان هما فحوى الأحداث الأخيرة فى مصر:
الرسالة الأولى أرسلها الشعب المصرى عبر الانتخابات لكل من يهمه الأمر: «نحن الشعب المصرى.. نثق فى الإسلاميين».
أما الرسالة الأخرى.. فجاءت من أمام البرلمان عبر الأحداث الأخيرة مفادها: «لن تدخلوا المجلس إلا مدمرًا ومحطمًا ومحترقًا وعلى جثثنا».
وهاتان الرسالتان الضمنيتان هما خلاصة المشهد السياسى المصرى الآن.
اللواء/محمد إبراهيم وزير الداخلية الجديد كان أكثر ذكاءً ووعيًا من سابقيه.. فقد اشترط قبل توليه الوزارة ألا تدخل وزارته وقواته فى التعامل مع المظاهرات السياسية والفئوية أو فض اعتصاماتها.. وأنه مسؤول عن أمن الشارع المصرى كله ومواجهة البلطجية والفساد والخروج على القانون.. وبذلك أفلتت الداخلية بذكائه السياسى من مسؤولية القتلى والجرحى فى الأحداث الأخيرة.
لقد أدرك الرجل بخبرته الطويلة أن رجال الداخلية سيتم اصطيادهم.. ليتحول كل منهم من ضابط تفخر به أسرته إلى سجين يفضحه الإعلام دون ذنب سوى أنه ينفذ الأوامر التى طلبت منه.. وأدرك أن الداخلية هى التى تحملت وساخات نظام مبارك بدلاً منه.. فقامت بتعذيب خصومه وحمت تزوير الانتخابات لصالح حزبه.. ولم تجن من وراء ذلك كله سوى سجن قياداتها وتشويه سمعتها واصطياد الإعلام والأفلام والمسلسلات لأخطائهم.. مع أن المستفيد الحقيقى كان مبارك وأولاده وحسين سالم وأحمد عز وشلته الذين نهبوا مصر.. وظل الضابط الصغير المسكين كما هو لا يستفيد شيئًا من تزوير الانتخابات أو قتل المتظاهرين أو الخصوم أو القبض على الإسلاميين والسياسيين أو تعذيبهم.
تعلمت من المعتقل ومن تجارب حياتى الصعبة أن الشطط والغلو سيقابله شطط وغلو.. وأن المرونة والحكمة ستقابل بالمثل من الطرف الآخر.. وأن الغلظة والجفوة وإهمال حق الآخر سيقابلها غلظة وجفوة وإهمال لحقك.
ومعتصمو مجلس الوزراء لم يتمتعوا بأى قدر من الحكمة أو المرونة أو العقل أو الوسطية.. فقد أغلقوا الطريق كاملاً أمام رئيس الوزراء ومنعوه من الدخول إلى مكتبه أكثر من أسبوعين.. وهذا لم يحدث فى تاريخ مصر أبدًا.. ولم يحدث فى أمريكا أو أوروبا أو أى دولة تتمتع بسيادة القانون.
وإغلاق الطريق جريمة ومنع موظف بسيط من عمله جريمة.. فكيف بأعلى سلطة فى مصر.. فضلاً على استفزازات الشباب غير المنظم وبلا قائد والذى انضم إليه الكثير من أطفال الشوارع والذين أساؤوا كثيرًا إلى الثوار الشرفاء.. وجعل أكثر العقلاء ينصرفون عنهم.
وإذا كان المدنى لا يريد أن يكون حكيمًا.. فالجندى الذى يحمل السلاح لن يكون حكيمًا.. وخاصة إذا رأى مبنى البرلمان يحطم.. ومبنى هيئة الطرق والمجمع العلمى يحترقان.. ورآك تقذف المولوتوف على كل المبانى المهمة فى المنطقة؟ إذا أردت الحكمة والعقل فابذلها أولاً وستجدها أمامك فورًا.
لو افترضنا جدلاً أن نابليون خرج من قبره الآن.. فماذا سيقول للشباب الذين أحرقوا المجمع العلمى المصرى.. أظنه سيقول لهم:
«أنا الفرنسى الغازى حملت لكم العلم وأدواته وأنتم تحرقون الكتب والمجمع وكل شىء».
أنا بنيت لكم أول وأكبر صرح علمى فى الشرق الأوسط كله.. فيه 400 ألف كتاب وهى نسخ أصلية ليست موجودة فى أى بلد فى العالم.. ثم تحرقونه أنتم عن آخره.
يبدو أننى أحب مصر والعلم والعلماء أكثر منكم.. وأنتم تحبون الجهل والتخلف والفوضى.
ضرب الشرطة العسكرية للفتيات ضربًا مبرحًا ليس من التقاليد العسكرية النبيلة.. وليس من شيم المقاتلين مهما كان السبب.
-------------------------------------- 
مقال نُشر في جريدة "اليوم السابع"، الثلاثاء ٢٠ ديسمبر ٢٠١١

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق